قصة قصيرة للكاتب : ياسر عامر
لا اعلم متعة في الحياة الا متعة الطيران، التي وهبني الله اياها، واعتقد انه لا يمكن لاحد ان يحسد احد، الا من لايستطيع الطيران للذي يستطيع الطيران، عجيب امر هذا الإنسان لم يخلق له الله اجنحه، ولكن خلق له من الطير ما هو مسخر له، وكل همه ان يأكل الطير ويصنع له اجنحة مثلنا، وعندما لم يستطع الطيران، صنع لنا الطائرات ليزاحمنا في سمائنا، ما هذا الغرور كيف احلق فوقك وانا طائر صغير وانت تنظر لي هكذا، عجيب امرك يا انسان، لو كان للغرور مجال، لكنا نحن الطيور، اشد المغرورين، ولما لا ؟ ومن مثلنا يستطيع ان يرتفع الي عنان السماء؟ من مثلنا يستطيع ان يري الانسان من فوق من اعالي الاعالي؟ يالك من ضئيل ايها الإنسان، من يستطيع مثلنا ان يرتفع الي السماء؟ يترك جناحيه هكذا تحملهما عنه الرياح، يا لها من متعه نحسد عليها نحن معشر الطيو، لو لم نكن لنا اعشاش على قمم الاشجار، لم احتجنا ان نعود الي الارض ثانية، ولكنها سنة الحياه نحلق عاليا ثم نرتد الي الارض ثانية لنطعم صغارنا وننام، ونريح هاتين الجناحين الضعيفين في شكلهما القويين في فعلهما.
ولكني كعصفور صغير اصابني شيئ غريب، ارفض الارض ومع ذلك احتاج الي الماء، ليس لاكل منه طعامي، ولكن لاني اصبحت جناحان في السماء وقلب يخفق للماء، نعم قلبي متعلق بالماء، فقد عشقت سمكة زرقاء، عيونها جميله ولها ضياء، ليس لها اجنحة مثلي، ولكن لها زعانف ذهبية صفراء، اه واه وانا اشاهدها تضرب الماء يمينا ويسار، اه واه وانا اراقبها من اعلي، وهي تحارب الامواج، ومراكب الغرباء، يا قلبي الضعيف الذي لا يحتمل بعدها طوال الليل، انتظرها كل يوم في الصباح، اين انتي يا حبيبتي؟ اظهري لي بلونك الذي يجعل امواج البحر صفاء، لونك جميل وعيونك جذابه، ضعيفه انتي ورقيقه في جسدك، ولكن اه واه من قوة ارادتك، تتحدين القروش والحيتان، وتصارعين الموج والرياح، اضرب الهواء بجناحيا الضعيفتين، وانتي تضربي الماء والرياح معا بزعانف رقيقه جميلة، كم انتي قوية يا سمكتي الجميلة،تعيشين في الماء يا حبيبتي ولكي منقارمثلي ، اشعر بكي وانتي تنادي علي من خلف البحور والانهار، اعشقك بشده واقف اترقبك حتى تغيبي عن الأنظار، الي اين ياتري؟ ومتي ممكن ان تجمعنا الأقدار؟ .
اغار عليكي من نفسك ومن زرقة البحار، اخشي عليكي من الهواء ومن ظلمة الليل ومن كل من هو يسبح بجوارك، اتمني ان افقد جناحي واستبدلهما بزعانف لاكون بجوارك، اتمني ان يكون لنا عش ليس على الاشجار، بل اسفل صخرة في قاع البحار حتى نعيش فيها سعداء، اه واه يا حبيبتي، اخشي من يوم يأتي ولا اراك فيه، اخشي ان تمنعني ظروف المعيشة في البحار من قربي منك قلبي وقلبك يخفقان، فهما قريبان، ولكن شتان فبيني وبينك، ليست مسافات فقط، لكن انا جناحين وانتي زعنفتين، بيني وبينك سماء وماء بينهما فضاء، فانا طير في اعلي السماء، وانتي سمكة رقيقه تحت الماء، لكن الحب قد جمعنا والخالق الف بيننا فما زالت الايام بيننا وانا اطير متمنيا ان انزل اليكي الي اعماق بحورك، او ان يرفعك الله لي في عنان السماء.